ترجمة د. أسماء السراج
تدقيق وتنقيح ومراجعة د. ميشيل عبدالله سمعان
يُعدّ الإيلام الموضعي المفصلي , الانعقال , الفرقعة , و اليبوسة أعراضاً مميزة لإمراضية الغضاريف الهلالية. مع ازدياد العمر والنشاط لمجموع السكان يزداد انتشار تمزقات الغضاريف الهلالية التنكسية. تسيطر التمزقات الرضية على أذيات الهلالي, حيث تمثل ثلث إصابات اللاعبين الأولمبيين . تحدث هذه الأذيات بآلية فرط بسط و تمنع المريض من متابعة نشاطه الرياضي وحياته الطبيعية . لهذه الأسباب, شهد القرن الأخير ازدياد الاهتمام بعلاج أمراض الغضاريف الهلالية.
تعمل الغضاريف الهلالية على دعم ثباتية مفصل الركبة بطريقة مشابهة لعمل الحويّة في الجوفين الحقي و العنابي . و قد أظهرت الدراسات والبحوث السريرية أن الوظائف الأساسية للغضاريف الهلالية تتمثل في امتصاص الصدمات و توزيع الحِمل خلال حركة مفصل الركبة وتحمّل الوزن. إضافةً لذلك تعمل الغضاريف الهلالية السليمة كأداة ضبط ثانوية لحركة الركبة الأمامية الخلفية . أخيراً, فإن للغضاريف الهلالية دوراً في استقبال الحس العميق و مزلق للمفصل.
كانت الغضاريف الهلالية تعتبر نسيجاً غير وظيفي لاعمل له في الركبة , لذلك لم تكن تتطلب أي علاج . بعد ذلك , وفي البضعة عقود الأخيرة ومع توافر معلومات أكثر عن أهمية الغضاريف الهلالية , فقد تم وصف العديد من البروتوكولات العلاجية . يتراوح مجال الخيارات العلاجية بين الإهمال العابر للإصابات والإصلاح.
ما يزال استئصال الغضاريف الهلالية العملية الأكثر تكراراً. فهي تشكل حوالي 80% من الحالات. تحقّق عملية استئصال الغضروف الهلالي عبر التنظير راحة فورية من الألم الناجم عن الإعاقة الميكانيكية المُسبّبة بالشظايا غير الثابتة. تعيد هذه العملية الوظيفة الحركية لمفصل الركبة.
يتفوق التنظير على الجراحة المفتوحة بالعديد من المزايا, و التي تشمل: عدم الحاجة للاستشفاء, وقت الصحو أقل,الألم أقل بسبب صغر المدخل الجراحي, نسبة إمراضية أقل بشكل عام, الاستئصال أكثر دقة بسبب الرؤية عبر التصوير, الاختلاطات أقل, و التكلفة أقل على المريض و/أو النظام الصحي. لذلك , أصبح استئصال الغضروف الهلالي أو اصلاحها عير التنظير المعيار المُتبّع.
تعتبر جراحة الركبة التنظيرية عملية شائعة جداً. تقدّر الأكاديمية الأمريكية للجراحين العظميين عدد المراجعات في الولايات المتحدة بـ636,000 مراجعة في السنة, أكثر من نصفهم يعودون لإمراضية في الغضاريف الهلالية.
يستعرض هذا الفصل الملامح الرئيسية للعلوم الأساسية والسريرية المتعلقة بالغضاريف الهلالية. كما نعرض تصنيف أمراض الغضاريف الهلالية تبعاً لاستطبابات علاجها الجراحي وضرورة استئصالها. نقدم في هذا الفصل طرقتنا في المقاربة الجراحية لأشكال مختلفة من التمزقات الهلالية بمافيها التركيز على الركب التي تعاني من غياب في الرباط المتصالب الأمامي مع التمزق الغضروفي. كما نناقش برامج إعادة التأهيل. ونستعرض الأدب الطبي حول استئصال الغضروف الهلالي عبر التنظير وذلك لإعطاء خلفية علمية تدعم قرارات القارئ السريري.
التشريح
الغضاريف الهلالية عبارة عن أقراص غضروفية ليفية تتوضع بين اللقمتين الفخذيتين و الأطباق الظنبوبية . يأخذ السطح المفصلي للّقمة الظنبوبية الأنسية شكلاً بيضوياً, يتوضع محورها الطولي في المستوى الأمامي الخلفي (الشكل1). لاتغطي الغضاريف الهلالية الجزء المركزي من السطح المفصلي والذي يشكّل المنطقة المفصلية .يأخذ الغضروف الهلالي الوحشي شكلاً دائرياً تقريباً و أقلّ تقعراً .تغطّي الهلالة الثلثين المحيطيين من الظنبوب وتعمل على جعل السطح المفصلي أعمق كما تؤمن ثباتية المفصل. الحدود العلوية للغضاريف الهلالية مقعرة, بينما السطوح السفلية مسطحة . تتثخن الهلالة في أجزائها المحيطية وترتكز على الغشاء الزليل والمحفظة, بينما تكون الأجزاء المركزية رقيقة وتبقى كحافّة حرّة.

الغضروف الهلالي الأنسي بيضوي , بطول 3,5 سم, وهو أعرض في جزئه الخلفي من محيط الركبة باتجاه مركزها. يرتكز قرنه الأمامي على الطبق الظنبوبي مباشرةً أمام ارتكاز الرباط المتصالب الأمامي. تعبر بعض الألياف الخلفية و التي تنشأ من القرن الأمامي الركبة أمامياً وترتكز على الهلالة الوحشية ومشكّلةً الرباط المعترض (الشكل 1). تتثبت الهلالة خلفياً إلى الحفرة بين اللقمتين الظنبوبيتين بين الرباط المتصالب الخلفي والمرتكز الهلالي الوحشي. ترتكز الهلالة الأنسية على طول محيطها على المحفظة المفصلية وعلى الرباط الجانبي الأنسي العميق. الغضروف الهلالي الأنسي أقل حركية من الوحشي, يمكن أن يتحرك 10 ملم تقريباًعند الانتقال من وضعية البسط إلى العطف.
الغضروف الهلالي الوحشي دائري, يغطي جزءاً أوسع من السطح المفصلي بالمقارنة مع نظيره الأنسي, له نفس العرض في الأمام وفي الخلف. يرتكز قرنه الأمامي قرب الشوك بين اللقمتين إلى الخلف من ارتكاز الرباط المتصالب الأمامي حيث يتمادى معه جزئياً (الشكل2). يرتكز القرن الخلفي خلف الشوك بين اللقمتين إلى الأمام من ارتكاز الغضروف الهلالي الأنسي. لاترتكز الهلالة الوحشية على الرباط الجانبي الوحشي, لكنها ترتكز بشكل رخو على الغشاء الزليلي بمعظم طولها. يمتد الرباطان الفخذيان الهلاليان الأمامي (رباط Humphrey) والخلفي (رباط Wrisberg) من القرن الخلفي للغضروف الهلالي الوحشي باتجاه الأمام والخلف بالترتيب, حتى ارتكاز الرباط المتصالب الخلفي على اللقمة الفخذية الأنسية. علاوةً على ذلك فإن وتر العضلة المأبضية – في طريقه للارتكاز على اللقمة الوحشية- يقطع المفصل في أخدود يقع على الهلالة الوحشية يدعى ” الفتحة المأبضية ” ( الشكل1 ). تم وصف هذه الفتحة المأبضية على أنها منطقة عديمة التروية الدموية.

التشريح الوعائي للغضاريف الهلالية
الغضاريف الهلالية غير موعّاة نسبياً. تمتلك تروية دموية محيطية محدودة تأتي من الشريانين الركبيين العلوي والسفلي. تشكل بعض تفرعات هذين الشريانين الضفيرة الشعرية قرب الهلالية في الغشاء الزليلي للركبة. تشكل هذه الضفيرة نموذج دوران محيطي مع فروع شعاعية تمتد حتى الجزء المركزي من الهلالة . تخترق الأوعية حوالي 10-30% من محيط الغضروف الهلالي الأنسي, و10-25% من محيط الغضروف الهلالي الوحشي. من المهم ملاحظة أن توعية الثلث الخارجي من الغضروف الهلالي محافَظاً عليه طول الحياة ولا يتناقص بشكل ملحوظ مع التقدم في العمر.
الميكانيك الحيوي ووظيفة الغضروف الهلالي
توزع الهلالة الجهد على مساحة واسعة من الغضروف المفصلي. عند تطبيق حمل على الركبة فإن قوة شدّ مطرق الغضروف الهلالي (التوتر المحيطي) تعاكس دفع الغضروف الهلالي. لذلك فإن استجابة الهلالة السليمة لزيادة الحمل تكون بشكل رئيسي بالضغط.
ثبت أن الهلالة يمكن أن تتحمل 50% من الوزن والركبة في بوضعية البسط, و85% من الوزن والركبة بوضعية 90°عطف. تزيد الهلالة منطقة التماس الفخذي الظنبوبي بشكل ملحوظ وبهذا فإنها تقلل من الجهد المطبق على الغضروف المفصلي.
تم إثبات أن استئصال الهلالة الكامل يخفض منطقة التماس حوالي 50%. و قد ظهر سريرياً أن استئصال الهلالة الجزئي أو الكامل يؤدي إلى تغيرات تنكسية في الركبة. تم افتراض حدوث هذا كنتيجة لزيادة ضغط التماس في الركبة. حتى أن استئصال الغضروف الهلالي الجزئي (استئصال 15-34% منه) يمكن أن يزيد ضغط التماس في الركبة لأكثر من 350% ويمكن أن يؤدي إلى تغيرات تنكسية فيها. لوحظ في الركب التي تم فيها استئصال الغضروف الهلالي حدوث انخفاض ملحوظ في منطقة التماس لحوالي 55%, وازدياد ذروة ضغط التماس بمعدل 260.4% مقارنة بالركبة التي لم يتم استئصال هلالتها.3
بالإضافة إلى ذلك فإن الهلالة تؤدي دوراً في امتصاص الصدمات أثناء الحركة, حيث تقوم بامتصاص 20% تقريباً منها. يمكن أن يؤدي فقدان هذه الوظيفة إلى تطور التهاب مفصل ركبة تنكسي على المدى البعيد.
تعزز الغضاريف الهلالية ثباتية مفصل الركبة بآلية مشابهة لما تقوم به حوية الجوفين الحقي والعنابي . تعمل الهلالة السليمة ككابح ثانوي لحركة الركبة الأمامية الخلفية. في الركب التي يغيب فيها دور الرباط المتصالب الأمامي قد يحدث ضغطاً غير طبيعي على الغضروف الهلالي الأنسي السليم مؤدياً إلى تمزقه. قد تؤدي زيادة الحركة الأمامية الخلفية الناتجة عن استئصال الهلالة في الركبة المصابة بغياب في الرباط المتصالب الأمامي إلى زيادة حالة اللاثباتية .
هكذا تتمثل وظيفة الهلالة في المشاركة في حمل الوزن, المساعدة في التزليق, والعمل على ثباتية الحجرة المفصلية. تشارك الهلالة الأنسية في حمل 60% من الوزن المطبق على الحجرة الأنسية, مقارنة بـ 70% مما تتحمله الهلالة الوحشية .
القدرة التجددية للغضاريف الهلالية
تشكل تجربة King عام 1936 على نماذج الكلاب المصدر التاريخي لشفاء الغضاريف الهلالية. أشارت تجربة لاحقة إلى أهمية التروية الدموية المحيطية لدعم الشلال الالتهابي اللازم لشفاء الغضاريف.
تتضمن العملية الترميمية للغضروف العلالي تدفق الدم من المنطقة الوعائية المحيطية المتاخمة للتمزق الهلالي وتشكل خثرة ليفية. تتراكم خلايا ميزانشيمية غير متمايزة في الخثرة وتشكل ندبة ليفية وعائية خلوية تحافظ على حواف التمزف بوضعية الرد. يستمر التفاعل الالتهابي مع غزو مستمر للخلايا من أطراف الغشاء الزليلي والنسيج الندبي الوعائي الليفي. يؤدي هذا الشلال الالتهابي في نهاية المطاف إلى تشكل وعائي من الضفيرة الشعرية حول الهلالية ما يسمح للأوعية بالتكاثر خلال النسيج الذي تم ترميمه.
أظهرت الدراسات أن امتداد التمزق الشعاعي إلى الغشاء الزليل فسيؤدي للشفاء العفوي خلال 10 أسابيع. تبلغ قوة هذا النسيج المتشكل 33% من النسيج الطبيعي خلال 8 أسابيع, و 52% خلال 4 أشهر, و62% خلال 6 أشهر. هذه هي قدرة الشفاء المتأصلة في الغضروف الهلالي التي تعمل عليها المداخلات السريرية للحفاظ على النسيج الهلالي قدر المستطاع.
التصنيف
يمكن تصنيف تمزق الهلالي حسب موقعه نسبةً إلى ترويته الدموية ومظهره الوعائي. تُصنّف السطوح المحيطية والمركزية سريرياً لـ بيضاء (غير موعّاة تقريباً), أو حمراء (موعّاة) وذلك خلال التنظير المفصلي. يبنى هذا التصنيف على الدراسات التشريحية التي صورت المنطقة الوعائية المحيطية.
يُعرّف التمزق الأحمر- الأحمر بأنه تفرق اتصال محيطي محفظي, ويملك الإنذار الأفضل للشفاء. لسوء الحظ يحدث جزء كبير من التمزقات في المنطقة البيضاء-البيضاء والتي تشغل الجزء المركزي غير الموعّى من الهلالة. تمتلك هذه المنطقة من الهلالة تروية دموية ضئيلة وغير قابلة للشفاء نظرياً. باقي التمزقات هي تمزقات حمراء- بيضاء. هذه التمزقات هي تمزقات حافة الهلالة التي تحدث عبر المنطقة المحيطية الوعائية منها. يتواجد الجزء المركزي من هذا التمزق في المنطقة غير الموعّاة. لذلك , نظرياً , يجب أن تحصل هذه التمزقات على توعية كافية لكي تُشفى بالتكاثر الوعائي الليفي .
تقتضي الحكمة التقليدية أن إصلاح الغضروف الهلالي يجب أن يتحدد في المنطقة الموعّاة المحيطية (مثل التمزقات الحمراء-الحمراء, والحمراء-البيضاء). تقترح الدراسات التجريبية أن التمزقات البيضاء-البيضاء غير قادرة على الشفاء حتى لو تمت خياطتها جراحياً. وقد أثبت ذلك منطقية استئصال الهلالة الجزئي. تم تطوير تقنيات لمحاولة توسيع منطقة الترميم أكثر باتجاه المحيط, مثل إيجاد أقنية إيصال للأوعية عبر التثقيب, تسحيج الغشاء الزليل, واستخدام الخثرة الليفية.
بالإضافة إلى ذلك يمكن تصنيف تمزقات الهلالي اعتماداً على ثباتيتها (الصندوق 1) . يُعتبر التمزق غير ثابت عندما يشمل أكثر من نصف طول الغضروف الهلالي وينخلع تحت اللقمة الفخذية عند جسّه بالمجسّ التنظيري (الشكل 3 A). يعدّ هذا المفهوم مهماً بشكل خاص للمساعدة في اتخاذ خيارات العلاج, سواء بتركه دون علاج إلى تنقيب الهلالة, أو استئصالها أو إصلاحها.
يمكن ترك التمزقات الثابتة دون علاج خصوصاً تلك التي تحدث في الجزء الخلفي من الهلالة و لا تنخلع ضمن المفصل (الشكل3B ,C). وجد Fitzgibbons و Shelbourne أنه من ضمن 189 مريض لديهم تمزق ثابت في القرن الخلفي للغضروف الهلالي الأنسي وتم تركهم دون علاج, لم يكن أي مريض عرضيّاً خلال 2.6 سنوات التالية للجراحة. يمكن أيضاً ترك تمزقات الهلالة الوحشية الطولية الثابتة خلف وتر العضلة المأبضية دون علاج حتى لو ترافقت مع تمزق في الرباط المتصالب الأمامي.

يمكن توصيف التمزقات اعتماداً على شكلها وهيئتها. تحت هذه المعايير, يمكن أن تكون التمزقات عمودية أو أفقية , تبعاً لخط التمزق فيما إذا كان يتجه من الأعلى إلى الأسفل (عمودي), أو من الداخل إلى الخارج (أفقي), والذي يُدعى عادةً: تمزق الكتاب المفتوح أو تمزق فم السمكة (الشكل 6–4). إضافةً لذلك, يمكن وصف التمزق بأنه طولي إذا كان يمتد من الأمام إلى الخلف (الشكل5 , وانظر أيضاً الشكل 3), أو معترض, ويُدعى أيضاً: التمزق الشعاعي أو تمزق منقار الببغاء (الشكل 6). يشكّل اتحاد هذه النماذج الأربعة من التمزق الأنماط الأخرى من التمزقات: التمزق المائل الذي يكون عمودي وشعاعي, ومايُسمى تمزق مقبض الدلو: عمودي وطولي, وهو تمزق غير ثابت وينخلع بشكل كامل تحت اللقمة (الشكل 7, انظر أيضاً الشكل 3 A). أخيراً , فإن التمزق المركّب هو اتحاد كل هذه الأشكل, يحدث عادةً على أرضية تنكسية, ويتوضع في القرن الخلفي للغضروف الهلالي الأنسي (الشكل 8).


عادةً ما تحدث التمزقات الطولانية العمودية عند مريض شاب, وتترافق مع تمزق في الرباط المتصالب الأمامي, و تشاهد أكثر في الهلالة الأنسية لأن حركيتها أقل. تميل التمزقات المائلة للحدوث بين الثلثين الخلفي والمتوسط للغضروف الهلالي. من الممكن أن تسبب أعراضاً ميكانيكية كالانعقال والألم الناجم عن توتر الوصل الغضروفي المحفظي.
تبدأ التمزقات ذات الشكل الأفقي عادةً كبؤرة تنكسية في منتصف الغضروف الهلالي, تهاجر بعدها باتجاه الحافة الحرة. غالباً ماتمتد هذه التمزقات إلى الوصل المحفظي, ويمكن أن تؤدي إلى تشكل كيسة. يمكن أن يعاني المريض من الألم و الإيلام بالضغط بسبب زيادة حجم الكيسة مع مرور الوقت . تظهر هذه الكيسسات بشكل متكرر أكثر في الغضروف الهلالي الوحشي وتمتلئ بمادة شبيهة بالهلام, مشابهة كيميائياً للسائل الزليلي. تشكل هذه الكيسات 1-10% من إمراضيات الهلالي.
تظهر التمزقات المركّبة بشكل رئيسي عند المرضى الأكبر سناً, وعادةً ما تكون مرتبطة بالتنكس الغضروفي, كما تُعتبر جزءاً من الاعتلال المفصلي والتهاب المفاصل التنكسي. بسبب شكلهم المركّب قد تكون الشدف الناجمة عن التمزقات غير ثابتة وتسبب أعراضاً ميكانيكية. الألم المرتبط بهذه التمزقات هو عنصر إضافي للالتهاب المعمّم المشارك في التهاب مفصل الركبة. الشكل التشريحي المرضي المرافق هو التنكس المخاطي, التنكس الخلوي الزجاجي, و الحثل التكلّسي.
التوقيت مهم في اتخاذ القرار. يمكن أن تكون التمزقات حادة, وهذه تملك احتمالية أكبر للشفاء, أو أن تكون مزمنة وهي التي ترافق عادةً التمزقات المركّبة والتنكس, والتي قد تتطلب الاستئصال. الإطار الزمني لاعتبار التمزق مزمناً هو بشكل عام 8–12 أسبوع بعد حدوث الأذية .
يجب تحديد سبب التمزق وآليته. إذا كان التمزق رضّياً, و الذي يحدث عادةً عند المريض الشاب النشيط, والذي يتم تشخيصه فوراً, فإن هناك فرصةً أفضل للنجاح. من جهةٍ أخرى, إن التمزقات مركّبة تنكسية والتي تحدث عادةً عند المرضى الأكبر سناً, وترتبط بالتنكس المفصلي. ما يزال غير معروفاً فيما إذا كانت هذه التمزقات سبباً لاعتلال المفاصل التنكسي أم نتيجةً له.
أخيراً , يمكن تصنيف التمزقات تبعاً للجهة التي تحدث فيها (في الهلالة الأنسية أو الوحشية). لاحظ Metcalf و زملاؤه أن 69% من التمزقات تحدث في الهلالة الأنسية, بينما 24% منها تحدث في الوحشية. أظهرت مراجعاتهم حدوث التمزق لدى 7% من المرضى في كلا الغضروفين في الوقت نفسه. أكثر من ذلك, 80% من التمزقات كانت عمودية أو مائلة و تناولت القسم الخلفي الأنسي من الهلالة.
بالخلاصة: أشيع تمزقات الغضروف الهلالي تكون كما يلي:
- مزمنة, تنكسية, أفقية, ومركّبة في الغضروف الهلالي الأنسي (انظر الشكل 8).
- حادّة, رضّية, طولانية, وعمودية في الغضروف الهلالي الأنسي ( انظر الشكل 3 ) .
عادةً ما يحدث النموذج الأفقي التنكسي من التمزقات عند المرضى الأكبر سناً, ويتطلب الاستئصال بشكل عام. من ناحيةٍ أخرى, فإن التمزقات الرضية العمودية أو الطولانية تشاهد أكثر عند المرضى الشباب و يمكن إصلاحها.
القائمة 1 معايير الثبات التنظيرية باستعمال المسبر
• لايمكن تحريك الغضروف إلى الثلمة بين اللقمتين .
• لا يمكن للحافة الداخلية للغضروف الهلالي ملامسة الجزء المركزي للقمة الفخذية .
• طول التمزق > 10 ملم .



تقييم المريض
التاريخ المرضي
تتأذى الغضاريف الهلالية بشكل شائع خلال ممارسة الرياضة , لكن يمكن أن تحدث الأذيات كمضاعفات للتنكس المرتبط بتقدم العمر. في هذه الحالات, قد لايكون هناك رضّ, لكن بصورة أكثر نموذجية, يكون لدى المريض قصة التواء مع فرط عطف وتُتبع بألم. من الممكن أن تشترك هذه الحادثة الحادة مع انعقال في الركبة وتورم معتدل يتطور خلال أول 24 ساعة. تترافق الحوادث المتكررة من الألم و التورم أحياناً مع شكوى انعقال وفرقعة في الركبة. يميل الألم للتوضع على طول الخط المفصلي خصوصاً عند العطف الشديد و حركات الالتواء.
من المهم الاستفسار عن وجود أعراض عدم الثبات لأن الغضاريف الهلالية تلعب دور كابح ثانوي لحركة الركبة الأمامية الخلفية, ويمكن لبعض التمزقات أن تسيء الوضع في حال غياب الرباط المتصالب الأمامي.
الفحص الفيزيائي
يتم فحص المريض لتحري وجود علامات انصباب, غياب ضخامة العضلة مربعة الرؤوس الفخذية, وتناقص مجال الحركة. يُعتبر الإيلام عند جس الشقّ المفصلي الأنسي أو الوحشي من أهم علامات تمزق الغضروف الهلالي حساسيةً (الشكل 9A). أظهرت الدراسات أن حساسيته تبلغ 74% مع قيمة تنبؤية إيجابية تبلغ 50%. يجب تحرّي الأربطة المتصالبة والجانبية لتقييم وجود أذية إضافية. تنخفض حساسية إيلام الخط المفصلي لـ 50% في حال غياب الرباط المتصالب الأمامي للركبة.

A الجس لتحرّي وجود إيلام بالخط المفصلي. هذه هي العلامة الأكثر حساسية لوجود تمزق هلالي .
Bاختبار McMurray . كقاعدة , يشير كعب القدم نحو الغضروف الهلالي المصاب . يعتبر الاختبار إيجابياً عندما يشعر المريض بالألم في الخط المفصلي الموافق والمترافق مع طقّة
لا تعتبر الاختبارات الخاصة بتقييم الغضاريف الهلالية , مثل اختبار McMurray, Steinmann, وApley اختبارات حاسمة لكن يمكن أن تساعد في التشخيص. تهدف كل هذه المناورات إلى حصر شُدف الهلالة بين الفخذ و الظنبوب مما يحدث الألم و/أو الطقة. بما أن الغضروف الهلالي بحد ذاته غير مُعصّب إلى حدٍّ ما , فإن الألم ينتج عن تمطط الوصل بين الغضروف الهلالي والغشاء الزليل.
اختبار McMurray هو اختبار مفضّل لأنه سهل, سريع ,وموثوق. بالإضافة إلى ذلك , فإن الاختبارات المتممة التي تفحص الركبة يمكن أن تُطبّق في نفس الوضعية. يُجرى هذا الاختبار المحرِّض والمريض مستلقٍ على ظهره مع عطف الفخذ بزاوية 90° والركبة معطوفة إلى الحد الأقصى, يتم مسك القدم من الأخمص وتثبيت الركبة, تقوم اليد الأخرى بجس الخط المفصلي, ثم يتم بسط الركبة ببطء مع التدوير الخارجي لتحرّي الهلالة الأنسية , أو التدوير الداخلي لتحرّي الهلالة الوحشية (انظر الشكل 9B). وكتعبير رمزي, يتجه كعب المريض نحو الغضروف الهلالي المصاب. يُعتبر الاختبار إيجابياً إذا شعر المريض بألم في الخط المفصلي الموافق مع فرقعة أو طقة أثناء الجس. تبلغ حساسية الاختبار 98% بوجود طقة مفصلية, لكن لا يمكن تحريض ظهور هذه الطقة دائماً, لذلك فإن نوعية الاختبار تبلغ عندها 15% فقط.
في الختام فإن العلامات المميزة لتمزق الهلالي هي: وجود انصباب, إيلام بالضغط على الخط المفصلي, وإيجابية اختبار McMurray. عند تشارك القصة السريرية والفحص الفيزيائي معاً فإن الحساسية العامة لتشخيص تمزق الهلالي, والمؤكدة بالتنظير المفصلي, تبلغ 95% وتبلغ نوعيته 88%.
التصوير التشخيصي
يجب أن يتضمن التقييم الروتيني لمريض التمزق الهلالي صورة شعاعية بسيطة للركبة أمامية خلفية و جانبية. عند احتمال وجود أذية تنكسية يجب إجراء التصوير بوضعية الوقوف, مع صورة أمامية خلفية والركبة معطوفة 45 و ذلك لتقييم درجة تضيق المسافة المفصلية. يُعدّ تقييم التنكس المفصلي أمراً هاماً وذلك لمناقشة توقعات نجاح العلاج مع المريض. تم إثبات أن درجة الاعتلال المفصلي قبل الجراحة ترتبط بنتائج سيئة بعد الجراحة على المدى القريب و البعيد.
بالرغم من أن التصوير بالرنين المغناطيسي لا يُستطب سريرياً لجميع المرضى, لكنه يلعب دوراً هاماً في تقييم جميع إمراضيات الغضاريف الهلالية, بما فيها التشخيص البدئي للتمزق الهلالي, تحرّي تكرار التمزق بعد الاستئصال أو الاصلاح, والإشارة إلى وجود أذيات مرافقة. يظهر المرنان المكان النسبي للتمزق, كما أنه قادرٌ على تحديد وجود تمزق هلالي بدقة تفوق 90%. تشير هذه النتائج إلى أن المرنان يُعتبر تقنية دقيقة غير باضعة لتقييم تمزقات الهلالي.
يجب دمج نتائج التصوير مع القصة المرضية والفحص الفيزيائي. تم إثبات أن تمزقات الهلالي عند البالغين الشباب قد تكون غير عرضية بتاتاً. في هذه الحالات يمكن للمرنان أن يعدّل خطة العلاج. على سبيل المثال في حال عانى لاعب رياضي من أذية في الرباط المتصالب الأمامي خلال الموسم الرياضي, ولايظهر المرنان وجود تمزق, حينها يمكن السماح للاعب أن ينهي الموسم مع وضع مشدّ. يُفضّل إصلاح التمزقات الهلالية باكراً عند ترافقها مع تمزق الرباط المتصالب الأمامي.
العلاج
الاستطبابات و مضادات الاستطباب
يُستطب استئصال الغضروف الهلالي عندما يكون نمط التمزق غير قابل للشفاء عفوياً أو عند استحالة إصلاحه. بالرغم من التقدم التقني وازدياد استطبابات الإصلاح, فإن حوالي 80% من التمزقات ما زال يُستطب فيها الاستئصال الجزئي عبر التنظير (الجدول 1).
يجب أخذ عدة عوامل بالحسبان عند اتخاذ قرار الترميم أو الاستئصال, منها: مكان التمزق, شكله, حجمه, إزمانه, وعوامل خاصة بالمريض.
من ناحية الموقع , حسب Arnoczky و Warren, فإن تمزقات المنطقة البيضاء-البيضاء لديها توعية قليلة و فرص شفائها ضئيلة جداً و عادةً ماتُستأصل. إذا كان التمزق في المنطقة البيضاء-الحمراء فإن عوامل أخرى يجب أخذها بعين الاعتبار.
من ناحية الشكل, فإن التمزقات الأفقية, التمزقات الجانبية الشعاعية, وتمزقات مقبض الدلو لا تُعتبر قابلة للإصلاح. علاوةً على ذلك , فإن التمزقات التي تتجاوز 20 ملم تُستأصل عادةً .
بشكل عام , تُعتبر التمزقات مزمنة بعد 8 – 12 أسبوع, وعادةً ما تصبح الهلالة متهتكة و متنكسة مع الزمن و غير مناسبة للإصلاح بعد ذلك.
يمكن للعديد من العوامل الخاصة بالمريض أن تعدل قرار العلاج. من ناحية العمر, قد تقلّ توعية وخلوية الهلالة مع تقدم العمر, وبالتالي تقل قابليتها للشفاء. غالباً ما يكون التمزق الهلالي عند مريض مسن من النمط التنكسي غير القابل للإصلاح. ليس هناك عمر محدد لإصلاح الهلالة, لكن أغلب الجراحين يفضلون استئصال الهلالة على إصلاحها عند المرضى فوق 40 سنة.
غالباً ما يكون لدى المرضى المصابين بأذية حادة في الرباط المتصالب الأمامي تمزق شريحة خلفية صغيرة في الغضروف الهلالي الوحشي. بالرغم من وجود جدال حول ذلك, إلا أن هناك قناعة لدى الغالبية بوجوب استئصال هذا التمزق في هذه الحالة. في حال الركب غير الثابتة والمصابة بغياب في وظيفة الرباط المتصالب الأمامي المزمن, فإنه يجب استئصال تمزق الهلالة إلا في حال إعادة إصلاح الرباط. ذلك أن معدل فشل عملية ترميم الغضروف في الركبة غير الثابتة أعلى منه بالمقارنة مع الركبة الثابتة أو التي تم إصلاح الرباط المتصالب فيها, وذلك بسبب الحركات الشاذة في الركبة المصابة بغياب وظيفة هذا الرباط.
إذا كان الامريض غير متعاون مع برامج إعادة التأهيل يجب أن يكون استئصال الهلالة الخيار هو الأول وليس الترميم الغضروفي.
الإجراءات المحافظة
يجب إعلام المريض بأن بعض التمزقات الهلالية تصبح غير عرضية بعد عدة أشهر من حماية المفصل. يوصف العلاج المحافظ خلال هذه الفترة والذي يتضمن: الكمادات الثلجية, مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية, تعديل النشاط, وحمل الوزن المحمي.
يعد التدريب على دراجة التمرين من أفضل النشاطات, كما يجب تجنب وضعية القرفصاء الكاملة. قد يقتصر علاج التمزق على الإجراءات المحافظة إذا لم يشكُ المريض من ألم و تورم بعد تعديل نشاطه.
الجدول 1 استطبابات استئصال الهلالة : الحالات التي يكون فيها الاستئصال الغضروفي مفضّلاً على الإصلاح | |
العامل | المواصفات |
عوامل تمزق الغضروف الهلالي | |
الموقع | المنطقة البيضاء _ البيضاء |
الشكل | · أفقي مكشوف · جانبي شعاعي · مقبض الدلو التنكسي |
الحجم | < 20 ملم |
الإزمان | < 8 – 12 أسبوع |
عوامل خاصة بالمريض | |
العمر | < 40 سنة |
أذية حادة في الرباط المتصالب الأمامي للركبة | تمزق لُسيني خلفي صغير في الهلالة الوحشية |
أذية مزمنة في الرباط المتصالب الأمامي للركبة | كل أنماط التمزقات |
التقنية التنظيرية
يُستطب التداخل التنظيري إذا استمرت لدى المريض أعراض الألم, التورم, والانعقال, وإذا كانت لديه الرغبة في الخضوع للعمل الجراحي. هناك العديد من المعايير الجراحية الواجب اتباعها للحصول على نتيجة جيدة (الصندوق 2).
أولاً: حسب مبدأ أبوقراط (بدايةً لاتؤذ) أي لا تجعل الوضع أسوأ . إذا كان التمزق ثابتاً, جزئياً, أو تامّاً, عمودياً عند مريض شاب, ينبغي تركه ولاحاجة للاستئصال.
ثانياً :يجب أن يكون المدخل التنظيري دقيقاً كفاية للسماح برؤية جيدة لكامل الغضاريف الهلالية ولشكل التمزق. بالإضافة إلى ذلك, يجب أن يسمح المدخل التنظيري بدخول الأدوات بمختلف أشكالها دون أن تؤذي السطح المفصلي.
ثالثاً :عند إجراء الاستئصال , يجب تحقيق حافة ثابتة وإزالة أي قطع غير ثابتة ممكن أن تسبب ألماً أو أعراضاً ميكانيكية. من المهم تشذيب الحواف خلال استئصال الهلالة للحصول على حافة ناعمة, و تفادي تطور تمزق ثاني. يجب استخدام المسبر باستمرار لتقييم ثبات الحافّة. يوجد لدى 25% من المرضى المصابين بتمزق مقبض الدلو تمزق ثانوي في الحافة يمكن عدم الانتباه له. يجب أخذ الحذر عند الاستئصال الجذري للغضروف الهلالي الوقاية من حدوث نزف غزير من الوصل المحفظي الهلالي. يمكن أن يحسّن تحريض الشفاء النتائج بعد استئصال الغضروف أو بعد ترك التمزق بدون علاج. يمكن تحريض الشفاء عن طريق: حكّ الغشاء الزليلي , تنقيب الغضروف لإحداث توعية, و تثقيب الثلم لإحداث النزف. يسمح اختراق العظم تحت الغضروف في الثلم للخلايا الميزانشيمية الآتية من نقي العظم بالنفاذ إلى مكان الأذية. أخيراً يمكن لإضافة البلازما الذاتية الغنية بعوامل النمو وبالسيتوكينات أن توفّر بيئة جيدة للشفاء.
القائمة 2 المبادئ الجراحية لاستئصال الغضروف الهلالي |
· أولاً , لا تؤذِ. · احصل على مدخل جيد للرؤية والأدوات. · قُم بتحقيق حافة ثابتة و أزل أي أجزاء غير ثابتة من الهلالة. · يجب الحصول على حدود ناعمة لإحاطة الحواف. · استخدم المسبر باستمرار. · قم بحماية الوصل المحفظي الهلالي. · حرّض الشفاء باستخدام : الحك , التثقيب , نقي العظم , و البلازما الغنية بعوامل النمو . |
التحضير و إنشاء المدخل الجراحي
يجب أن تسمح وضعية المريض بالوصول إلى كامل محيط الركبة المصابة. يجب تغطية الطرف وتجهيزه بشكل يسمح بإجراء شقوق خلفية أنسية أو خلفية وحشية في حال لزومها من أجل ترميم الغضروف (الشكل 6–10). يمكن إجراء ذلك و المريض مستلقٍ بحيث يمكن كسر نهاية طاولة العمليات على مستوى العاصبة ويمكن عطف الركبة حتى 90°. بدلاً من ذلك , يمكن استعمال حامل للساق بحيث يُتيح للجراح أن يبعد الساق عن طاولة العمليات, كما يسمح بعطف الركبة بالمقدار اللازم لتسهيل الولوج.

يُستخدم المدخل الأمامي الوحشي لإدخال المنظار المفصلي لتأمين الرؤية. يتم إنشاء هذا المدخل بشكل عمودي وعلى حافة الوتر الداغصي و الحد السفلي للرضفة. يسمح هذا المدخل الوحشي المرتفع بتوضع المنظار أعلى الوسادة الشحمية, مما يمنع بالتالي توضع المنظار ضمن هذه الوسادة “تنظير الوسادة الدهنية” كما أنه مركزي كفاية ليسمح برؤية الثلم الخلفي. يمكن إنشاء المدخل العلوي الوحشي في المحفظة للتصريف و الغسل وذلك لتحسين الرؤية.
يتم إجراء التنظير المفصلي التشخيصي باستعمال منظار مفصلي 30 درجة. يتضمن هذا التنظير: تقييم الجيب فوق الرضفة, تقييم كلا الغضروفين الهلاليين, الغضروف المفصلي, والأربطة المتصالبة. بعد التشخيص وحسب نمط التمزق, يتم إنشاء المدخل الأنسي. يتم تعيين النقطة الرخوة الأنسية بمساعدة الإصبع, ثم توضع إبرة بزل قطني في المدخل الجديد لتأكيده. يجب أن تكون قمة الإبرة قابلة للوصول إلى منطقة التمزق الهلالي, يتم تدوير المنظار لمشاهدة الإبرة. من الضروري تجنّب أذية الغضروف الهلالي أو السطح المفصلي للُّقمة الأنسية. يُجرى شق المدخل الأنسي بواسطة شفرة قياس 11 باتجاه مائل وذلك للسماح بزيادة حجم المدخل إذا اضطر الأمر , كما أن الشق المائل يقلّل من إمكانية أذية السطح المفصلي بالشفرة. بعد إنشاء المداخل, يتم سبر السطوح العلوية و السفلية للغضاريف الهلالية لتمييز وجود أي تمزق. عند تحرّي الثباتية, من المهم معرفة أنه من الطبيعي أن تكون الهلالة الوحشية أكثر حركة من الأنسية حتى 10 ملم. تعريف تمزق الهلالي غير الثابت بأنه التمزق الذي يمتد لنصف طول الغضروف الهلالي, وينخلع تحت اللقمة عند سبره (انظر الجدول 1). بالرغم من أن العاصبة تُستخدم لتحسين الرؤية خلال العملية, إلا أن بعض الجراحين يفضلون إرخائها عند إجراء التنظير المفصلي التشخيصي وذلك لتقييم التروية الدموية للتمزق الهلالي بعد حكّه. عادةً ما يتم استئصال الهلالة الأنسية والطرف بوضعية قريبة من البسط مع تطبيق جهد تفحيجي. من المهم الأخذ بالحسبان أن الحجرة الوحشية عادةً ما تنخلع للأمام عند التدوير الداخلي عند المرضى الذين لديهم غياب في الرباط المتصالب الأمامي. سيعيق الشوك الطنبوبي الأنسي رؤية القرن الخلفي للهلالة الأنسية, لذلك يجب على المساعد حمل كاحل المريض أو قدمه وتدوير الظنبوب باتجاه الدوران الخارجي. في بعض الأحيان , و في حال كانت الركبة ضيقة جداً, يمكن استخدام إبرة قياس 18G لـ” تثقيب ” الرباط الأنسي فوق الظنبوب. عندما يتم تطبيق جهد تفحيجي على الرباط الجانبي الأنسي, سيخلق ذلك تباعد أكبر وبشكل كافي للوصول إلى القرن الخلفي .
في الجانب الوحشي , يمكن الحصول على أفضل رؤية والركبة معطوفة, والساق بوضعية التربيع. تفيد هذه الوضعية أيضاً في حماية العصب الشظوي الذي يتوضع إلى الخلف من وتر ذات الرأسين الفخذية, ويكون أبعد ما يمكن عن المحفظة والركبة بوضعية العطف.
تقنية الاستئصال
تتحدد التقنية تبعاً لنمط التمزق . يتأثر نجاح الاستئصال بشكل كبير بوصول الأدوات إلى مكان العمل الجراحي . أشيع العوامل التي تحدّ من ذلك: المدخل الجراحي سيء التوضع, الحجرة الضيقة, و/أو أبعاد الأدوات. بشكل عام فإن المبدأ المُتّبع في استئصال الهلالة الجزئي هو إزالة أقل كمية من النسيج الهلالي للحصول على ثباتية الحافة الهلالية المتبقية .
مقاربة الغضروف الهلالي الأنسي . عادةً ما نبدأ بأقصى المُرتكز الخلفي. يجب أن ينفذ المنظار المفصلي إلى الحجرة الأنسية لنتمكن من رؤية الاستئصال بشكل مباشر. يجب إبقاء رأس المنظار متوضعاً مقابل الظنبوب, ويتم تدويره للرؤية في الأعلى ما تحت اللقمة. نتمكن بهذه الطريقة من تمرير الضوء إلى المنطقة الخلفية, ونتجنب أذية اللقمة برأس المنظار. بعدها نستخدم punch منحني نحو الأعلى – مُصمم ليتناسب مع الحافة السفلية للُّقمة – عند مقاربة تمزقات القرن الخلفي للهلالة الأنسية. يجب ترك الـpunch مغلقاً عند إدخاله حتى يتم وضعه أمام التمزق الهلالي و إلى الأسفل من الانحناء اللُّقمي, ثم يُدفع باتجاه الخلف. بهذه الطريقة يكون الإدخال أسهل ونتجنب أذية الغضروف. الخطوة التالية هي دفع الفك العلوي للآلة فوق الحافة العلوية للمنطقة المُراد استئصالها. بمجرد وضع المنطقة المختارة بين فكي الآلة يتم إغلاقها و يُستأصل التمزق بشكل عمودي. يجب تكرار هذه الخطوة بشكل محيطي حتى يتم استئصال الوريقة بشكل كامل. تُستخدم المقصات بشكل السلّة ذات الزاوية الجانبية مع الانتقال التدريجي نحو الأمام. يمكن إجراء بعض المناورات من قبل المساعد لتجنب دفع المقص ذو شكل السلّة للغضروف. المناورة المفضلة لدينا هي تطبيق ضغط إصبعي على المحفظة الخلفية وتثبيت الوريقة العلوية مما يسمح برؤيتها, واستئصالها إذا تطلب الأمر.
بالانتقال إلى القسم الأمامي, نستخدم المقص ذو شكل السلة الطويل والمستقيم لاستئصال قطعة غضروفية بحجم 1 سم. بعد ذلك تُستأصل القطع المتبقية المجاورة للرباط الجانبي الأنسي بوساطة المقص بشكل السلة ذو زاوية مائلة. عند مقاربة القسم المتوسط للغضروف الهلالي, يمكن استئصالها عبر تغيير مكان المنظار إلى المدخل الأنسي, وإدخال المقص ذو شكل السلّة عبر المدخل الوحشي. يمكن استعمال شفرة الشيفر صغيرة الحجم داخل المفصل من أجل تنعيم أي نتوءات خشنة بين مناطق الاستئصال الذي تم بالأدوات السابقة من أجل إحداث حافة جيدة الحدود بين المناطق المستأصلة. يزيل التشذيب بالشيفر والمترافق مع الشفط القطع العالقة بشكل جزئي على الحافة, مما يحسّن الرؤية و يحدّد فيما إذا كان هناك حاجة لاستئصال أوسع. يمكن استخدام المقصات ذات شكل السلال الكبيرة والصغيرة ذات الزاوية لاستئصال الثلث الخلفي. يجب مراقبة الاستئصال بعناية لضمان كفايته.
نموذجياً, يترك استئصال الجزء الخلفي من الهلالة الأنسية حافة مقدرة بـ 2 – 3 ملم يتم قصّها تدريجياً من الثلث المتوسط إلى الأمامي.
عند الحاجة لاستئصال القرن الأمامي تتوفر مقصّات خلفية. أو, بدلاً من ذلك, يمكن وضع المنظار في المدخل الأنسي والأدوات في المدخل الوحشي. كما يمكن استخدام قواطع ذات سلة قابلة للدوران لاستئصال القرن الأمامي. تُعتبر تمزقات القرن الأمامي المعزولة نادرة نسبياً , و تحدث غالباً بالمشاركة مع تمزقات مقبض الدلو.
مقاربة الهلالة الوحشية . يتم إدخال المنظار المفصلي عبر المدخل البعيد الأمامي الوحشي. تُستخدم القواطع ذات شكل السلّة عبر المدخل الأنسي لاستئصال القسم الأوسط من الهلالة الوحشية. لايمكن مقاربة القرن الخلفي بهذه الطريقة. بالتالي, تُدخل الأدوات عبر المدخل الوحشي والمنظار عبر المدخل الأنسي. يتم إجراء استئصال الثلث الأمامي لهلالة الركبة اليمنى باستخدام القاطع ذو شكل السلّة المنحرف باتجاه اليسار والذي يتم إدخاله عبر المدخل الأنسي. يُستخدم الشيفر المفصلي بشكل متكرر بالترافق مع القاطع ذو شكل السلّة المائل لليمن أو اليسار.
استئصال تمزق مقبض الدلو المتبدل . في هذه الحالات , تحجب القطعة المتبدلة نحو الأمام رؤية الحجرة الأنسية والمنطقة الخلفية من التمزق (انظر الشكل 7). يمكن تقييم حافّة الغضروف قبل ردّ التمزق للتأكد مما إذا كان الإصلاح ممكناً.
الخطوة الأولى هي رد الشدف من أمام المنظار بوساطة المسبر أو المبزل الكليل وذلك لتحسين الرؤية. يجب تطبيق قوة تفحيجية لإجراء الردّ.
بعد ذلك , استخدم المقص التنظيري لقطع ارتكاز القرن الخلفي. يُجنّبنا إجراء هذا القطع في البداية حدوث مشاكل من توضع الشدف في الحجرة الخلفية بعد قطع القرن الأمامي. قد يتوجب وضع المنظار المفصلي في الثلمة بين اللقم وأن نقدّر القطع من هذا المكان. يتم قطع الارتكاز الأمامي أقرب ما يمكن إلى جذر التمزق مع ترك اتصال صغير جدّاً لمنع القطعة من التحرك بعيداً.
أخيراً, يتم إمساك نهاية القطعة و إزالتها من المفصل. يجب تشذيب الحافة بالشيفر ذو حجم 4 ملم. يجب التأكد من الإحاطة بالحافة المتبقية لوجود خطر تمزق ثانوي في 25% من الحالات. فيحال وجود تمزق في الحافة يجب التأكد من استئصال أي قطع غير ثابتة. إذا كان من غير الممكن رد تمزق مقبض الدلو المتبدل المزمن في الجهة الأنسية, يمكن عندها قطع المرتكز الأمامي أولاً, حيث يُستخدم الماسك لتوتير نهاية قطعة التمزق, ثم يتم إدخال المقص القاطع عبر نفس المدخل, ويجرى القطع مرتكز القرن الخلفي. يتم هذا القطع بشكل أعمى, لذلك من المهم الانتباه لعمقه لتجنب إحداث أذية وعائية عصبية خلفية. التقنية المُتّبعة في تمزقات مقبض الدلو في الناحية الوحشية مشابهة لما هي عليه في الأنسية.
استئصال تمزق الهلالة الوحشية الشعاعي. تتم مقاربة التمزق الشعاعي للهلالة الوحشية بإدخال الأدوات عبر المدخل الأنسي. تُستخدم القاططع ذو شكل السلّة المستقيم لاستئصال الحافة الخلفية, والسلّة ذات الزاوية 90 درجة لاستئصال الحافة الأمامية. يُستخدم الشيفر لتشذيب حافة الهلالة فيما بعد. يجب أن يتم الاستئصال حتى الحصول على حافة ذات مظهر طبيعي. غالباً ما تحدث استحالة مخاطية في جسم الغضروف الهلالي والتي تستوجب الاستئصال.
استئصال التمزق الهلالي الوحشي المترافق مع كيسة. تتم مقاربة هذا التمزق بنفس الطريقة المُتّبعة في التمزق الشعاعي (انظر سابقاً). غالباً ما يكون المدخل إلى الكيسة تحت الهلالة ويمكن الدخول بشفر شيفر صغيرة. يؤدي الجس الإصبعي السطحي للكيسة إلى خروج سائل المشابه للكسية الزليلة لداخل المفصل عبر المدخل الذي تم إحداثه بوساطة الشيفر. يستعمل الشفط عبر الشيفر بعد شق الكيسة لتفريغ محتواها. لاضرورة لإجراء شقوق خارجية إضافية على الكيسة إذا كان استئصال الهلالة كافي.
استئصال لغضروف الهلالي الوحشي القرص. غالباً ما تصعب مشاهدة التمزق المركزي في الغضروف الهلالي القرصي. يسبر مركز الهلالة بوساطة المجس, عندها يتم جس التمزق أو تسلخ الطبقات. يُدخل الملقط المزود بسلة عبر المدخل الأنسي و يتم تشذيب الجزء المركزي للحصول على حافة طبيعية المظهر للهلالة الوحشية. من المهم سبر الحافة للتأكد من أنها مرتكزة وثابتة. نادراً, يمكن ملاحظة نمط Wreisberg للهلالة الوحشية والذي لا يملك اتصالات محيطية, وعندها يجب إجراء خياطة إصلاحية للحافة.
كيسة Baker وتمزق الهلالة الأنسية التنكسي. في معظم الحالات, عند استئصال الغضروف الهلالي المتنكس يتم السيطرة على الانصباب المتكرر, وستتحسن أعراض الألم والتورم المُحدثة بسبب كيسة Baker. في بعض الأحيان, خاصةً إذا كانت الكيسة كبيرة جداً وعرضية, مع وجود تمزق تنكسي في الهلالة الأنسية مترافق مع تنكس الحجرة الأنسية يجب علاج كيسة Baker. يتم إنشاء المدخل الأنسي الخلفي والمنظار في المدخل الوحشي ويُدفع باتجاه الحجرة الأنسية الخلفية. يتم تمييز الشرائح المغطية لكيسة Baker, ويتم استئصال الطية السفلية باستعمال الشيفر عبر المدخل الأنسي الخلفي وتترك فتحة في الكيسة. ستنزح الكيسة بعد ذلك ضمن المفصل و تبقى فارغة . حالما تتم السيطرة على الانصباب المفصلي فإن حجم الكيسة سيتناقص بالتدريج.
أحياناً , إذا كانت كيسة Baker مزمنة قد نلجأ إلى إدخال الشيفر عبر ثقوب جلدية متفرقة ويتم استئصال جدران الكيسة. يتم إدخال المنظار المفصلي عبر الفتحة المُحدثة في المحفظة الخلفية لمراقبة سير عملية استئصال جدران الكيسة.
اعتبارات خاصة : إصلاح الرباط المتصالب الأمامي و استئصال الغضروف الهلالي
من الشائع مصادفة تمزق هلالي أثناء جراحة الرباط المتصالب الأمامي. قد يبلغ معدل حدوث هذه الحالة أحياناً حتى 57%,في بعض الدراسات .بينما يبلغ في دراسات أخرى يكون حوالي 30%. لوحظ كثرة ترافُق تمزقات الهلالة الوحشية مع تمزقات الرباط المتصالب الأمامي الحادة, بينما ازداد حدوث تمزقات الهلالة الأنسية بشكل ملحوظ في حالات تمزقات الرباط المتصالب الأمامي المزمنة. هذا يقترح أن تمزقات الهلالة الوحشية تحدث بشكل باكر عند أذية الرباط أو بعدها فورا, بينما تكون تمزقات الهلالة الأنسية مكتسبة بعد إصابة الركبة بغياب في وظيفة الرباط المتصالب الأمامي.
يعد اتخاذ قرار العلاج أمراً هاماً خاصةً في هذه الحالة. قد يؤدي ترك أنماط خاصة من هذه التمزقات دون علاج إلى توفير الوقت في العمليات الطويلة كهذه, مع الحصول على نتائج جيدة. يساعد تقييم الثباتية أثناء التنظير المفصلي -هو التمزق الذي لا ينخلع تحت اللُّقمة الفخذية, أو التمزق ذو حجم > 10 ملم- في تحديد التمزقات التي يمكن تركها دون استئصال. إن ترافق وجود بيئة نزفية مع الركبة الثابتة يسهّل عملية الشفاء بعد الجراحة. يجب أن نضع في الحسبان أن بعض الجراحين يعتبرون أن التمزق الشعاعي في الهلالة الوحشية الذي يصادَف أثناء إصلاح الرباط المتصالب الأمامي هو تمزق محافظ يمكن تركه. أيّد Shelbourne الإبقاء على التمزق العمودي الذي يتوضع إلى الخلف من وتر العضلة المأبضية, وعلى القرن الخلفي المُقتلع, وأظهر بالمتابعة طويلة الأمد أن هذه التمزقات عادةً تكون غير عرضية. سجل Shelbourne و Rask في دراساتهم حول التمزقات العمودية المحيطية الثابتة في الهلالة الأنسية التي عولجت بالحكّ و التثقيب أن معدل النجاح فيها بلغ 94% .
اقترح Pujol و Beaufils مؤخراً عدم علاج التمزقات الثابتة المتوضعة على الجانب الوحشي معتمدين على إجرائهم لمراجعة للأدب الطبي. من ناحية أخرى, أوصَوا بإصلاح أو استئصال التمزقات الهلالية الأنسية بما فيها التمزقات الثابتة, بسبب النتائج غير المرغوبة التي أوضحتها الدراسات المنشورة. ترتكز هذه التوصيات على النتائج المنشورة في الأدب الطبي لترك التمزقات الهلالية الأنسية دون علاج, والتي أظهرت فشلاً في 50% من الحالات. يعتبر الفشل حدوث ألم, انعقال, أو أي أعراض هلالية سريرية أخرى مع وجود دليل على عدم الشفاء في الدراسة الشعاعية مثل المرنان المفصلي, المرنان العادي, أو التنظير المفصلي.
في حال ترافُق عملية إصلاح الرباط المتصالب الأمامي مع وجود تمزق في الغضروف الهلالي الوحشي والذي لا يمكن أن يُترك من دون علاج, يتوجب علينا التركيز على إصلاح التمزق أكثر من استئصاله وذلك بسبب دورها المهم في الثباتية. تمتلك الهلالة الوحشية التي تم إصلاحها دوراً مهماً في إنقاص الانزياح الأمامي وبالتالي تحمي الطُعم من الجهود غير المرغوبة والتي يمكن أن تؤدي إلى الفشل.
من ناحية توقيت جراحة الرباط المتصالب الأمامي المترافق مع تمزق هلالي, فإنه من المستحسن إجراء العملية قبل مرور 3 أشهر على الإصابة, مع الأخذ بعين الاعتبار النتائج التي توصل إليها Papastergiou ومساعدوه, حيث أظهروا ازدياد في التمزقات الهلالية التي تتطلب المعالجة بشكل ملحوظ بعد هذه الفترة. كما أظهرت دراستهم أن شيوع التمزقات الهلالية في أول ثلاثة أشهر بعد الإصابة الرضية بلغت نسبة 45% تقريباً, وارتفعت إلى 69% بعد الشهر السادس. وبأخذ حدوث تمزقات الغضروف الهلالي الأنسي بشكل أكبر مع الزمن بعين الاعتبار, استنتجوا أنّ ترميم الرباط المتصالب الأمامي الباكر سيساعد في إنقاص خطر حدوث تمزق هلالي ثانوي.
درر· قم بإجراء النزح عبر المدخل العلوي الوحشي لتحسين الرؤية. · قم بإجراء شق عمودي مائل في الحالات التي قد تحتاج إلى توسيع المدخل. · قم بتطبيق دوران خارجي للوصول إلى القرن الخلفي للهلالة الأنسية. · تسمح وضعية القوائم الأربعة بمقاربة أفضل للحجرة الوحشية, كما يجب استعمال المسبر باستمرار. · استخدم تقنية ” تثقيب ” الرباط الجانبي الأنسي لفتح الحجرة الأنسية. |
إعادة التأهيل بعد العملية
تهدف إعادة التأهيل بعد استئصال الغضروف الهلالي إلى تقليل التورم, استعادة كامل نطاق الحركة, والوصول إلى قوة فخذ مشابهة لما هي عليه في الركبة الأخرى السليمة. أيّدت بعض الدراسات العلاج الفيزيائي بعد استئصال الهلالة الجزئي أكثر من عدمه. أظهرت هذه الدراسات – والتي قامت بقياس قوة البسط متماثلة السرعة في الركبة- أن استعادة القوة كانت أسرع بشكل ملحوظ مع العلاج الفيزيائي (3 أسابيع) مقارنة مع استعادة القوة بدون علاج (7–12 أسبوع). علاوةً على ذلك, كانت فوارق القوة بين المجموعتين كبيرة 26%, و نسبة العجز عند المرضى غير المعالجين أكبر بمرتين أو ثلاث مرات منها عند المرضى المعالجين.
في دراسة أخرى, أظهرت الإحصائيات تحسناً واضحاً في العودة للنشاط الرياضي (P = 0.4) وتمارين القفز الأفقية والعمودية ( P = 0.4 , P = 0.2 على الترتيب ) و ذلك عند المرضى الذين تلقَّوا علاجاً فيزيائياً لمدة 4 أسابيع بعد الجراحة مقارنةً مع المجموعات التي لم تتلقَّ علاجاً.
يُنصح بالعلاج الفيزيائي بعد الجراحة خاصّةً إذا كان المريض غير متعاون. مع ذلك أظهرت دراسة الأدب الطبي المنهجية أن برنامج العلاج الفيزيائي الخاضع للإشراف, بالإضافة إلى تقديم النصائح الشفوية والكتابية بعد استئصال الهلالة الجزئي تنظيرياً, ليس أكثر فعالية من المشورة الكتابية والشفهية لوحدها. خلُص الباحثون في ذات الدراسة إلى أنه بالنسبة للمرضى الذين خضعوا لعملية استئصال هلالة جزئي بدون اختلاطات, فإن العلاج الفيزيائي غير ضروري, لأن تأثيره على عودتهم لأنشطة الحياة اليومية سيكون ضئيلاً أو مُهمَلاً.
يمكن أن تكون إعادة التأهيل التالية لاستئصال الهلالة جائرة على قدر تحملّ للمريض. يُعّد تدبير الألم خلال الجراحة وفي الفترة الباكرة التالية لها أمراً جوهرياً. يسهِّل حقن مواد التخدير طويلة الأمد ( bupivacaine أو ropivacaine) داخل المفصل وفي المداخل الجراحية بالمشاركة مع المسكنات ومضادات الالتهاب بالطريق الفموي, البدء بتمارين استعادة كامل نطاق الحركة أبكر مايمكن وبدون ألم. كما يُعدّ استخدام المخدرات الموضعية مفيداً وذلك للتقليل من استعمال الأفيونات وإنقاص آثارها الجانبية.
يمكن للمريض المباشرة بحمل الوزن تدريجياً بعد الجراحة فوراً إذا لم يجرى أي تداخل جراحي آخر. يجب اتباع بروتوكولات فردية في حالة العلاج الغضروفي المرافق أو في حال إجراء جراحة الرباط المتصالب الأمامي.
يتم التركيز في الأيام الأولى على تقليل التورم. يمكن الاستعانة بأخصائي علاج فيزيائي لإجراء التدليك المزيل للوذمة, تمارين مجال الحركة, العلاج الكهربائي, والعلاج بالتبريد. يمكن أيضاً استخدام أجهزة الحركة المنفعلة المستمرة ذاتية التحكم (CPM) للمساعدة على رفع الركبة. يفضّل بعض الجراحين عدم اللجوء للعلاج الفيزيائي في حالات استئصال الهلالة غير المختلِط. نلجأ في هذه الحالة إلى توصية المريض باستعمال التبريد بشكل متقطع في الفترة الباكرة التالية للجراحة. يمكن, إلى جانب رفع الساق و حمل الوزن حسب قدرة المريض على التحمّل, استخدام مضادات الالتهاب الفموية لمدة 5 أيام بعد الجراحة, كما توصف المسكنات الأخرى مثل Acetaminophen حسب الحاجة.
بالإضافة إلى السيطرة على التورم , يتم تشجيع المريض على إجراء تمارين مجال الحركة ROM. يُطلب من المريض -حالما تتم استعادة مجال الحركة بشكل كامل- البدء بتمارين التقوية التي تهدف الحصول على كتلة عضلات طبيعية في الفخذ. عادةً مايستخدم الفخذ الآخر للمقارنة.
تم إظهار أنه في الفترة الباكرة التالية لعملية استئصال الهلالة الجزئي, وتحت إشراف أخصائيي العلاج الفيزيائي, أن استخدام الدراجة الهوائية المجهزة بمقياس للسرعة وبدواسة ذات ذراع قابل للتعديل أدى إلى تحسن المشي في الأسابيع الأول والثاني والرابع بعد الجراحة مقارنةً مع إعادة التأهيل بدون إشراف.26 مع ذلك فإن البروتوكول الأكثر شيوعاً هو إرشاد المريض إلى كيفية أداء تمارين مجال الحركة و تمارين التقوية بنفسه.
نقوم في البروتوكول الخاص بنا في استئصال الهلالة زيارة المريض في الأسبوع الأول بعد الجراحة لتحري وجود انتان في المداخل الجراحية, لتقييم مجال الحركة, لتحري وجود التهاب وريد عميق, أو انتان مفصلي. يُنصح المريض بركوب دراجة ثابتة والبدء بحياة طبيعية في حال عدم وجود اختلاطات وكون مجال الحركة جيد. بالإضافة إلى ذلك, يتم تشجيع المريض على استئناف تمارين تقوية العضلة مربعة الرؤوس الفخذية والعضلات الفخذية الخلفية في الصالة الرياضية بدون إشراف. عادةً, يتحمّل المريض ركوب الدراجة في المرحلة الأولى, و يوصى بممارسة التمارين العضلية الأخرى بعد عدة أسابيع. يُسمح للمريض بممارسة أنشطة رياضية خاصة بمجرد الوصول إلى القوة الكاملة مقارنةً بالركبة الأخرى.
يُرسل المريض إلى العلاج الفيزيائي تحت الإشراف في حال وجود أي مشكلة مثل اليبوسة أو الضعف حيث يتم البدء ببروتوكولات إعادة التأهيل الفردية.
النتائج
كان يعتبر الغضروف الهلالي في الماضي نسيجاً غير وظيفي ليس له أي دور في الركبة. 27 كان استئصال الهلالة في ذلك الوقت يُعتبر علاجاً بديهياً لأي حدثية إمراضية فيها. النتائج قصيرة الأمد لاستئصال الهلالة الكلّي جيدة لأنها تزيل الأعراض الميكانيكية للانعقال على الفور وتخفف الألم بسرعة. من ناحية أخرى تتفاقم النتائج السريرية مع مرور الوقت ويظهر التنكس المفصلي في الحجرة التي تم استئصال هلالتها أبكر من ظهوره المرتبط بالعمر في حال لم يتم استئصال الهلالة كلّياً. بالإضافة إلى ذلك , يرتبط استئصال الهلالة الكلّي مع المزيد من المظاهر الشعاعية لالتهاب المفاصل التنكسي مع مرور الوقت مقارنةً باستئصال الهلالة الجزئي.
تطورت الإجراءات الجراحية التي تهدف للحفاظ على أكبر قدرٍ ممكنٍ من النسيج الهلالي وذلك نتيجةً لتزايد المعلومات حول وظيفة الهلالة. هكذا أصبح استئصال الهلالة الجزئي العلاج المنتخب عندما يكون الإصلاح غير ممكن. تقدر الجمعية الأمريكية للجرااحين العظميين عدد العمليات التنظيرية للركبة التي يتم إجراؤها كل عام في الولايات المتحدة الأمريكية بـ 636,000.
أصبح استئصال الهلالة الجزئي بالتنظير المعيار الذهبي الذي يتفوق على الجراحة المفتوحة وذلك بمساعدة تقنية التكبير البصري والأدوات الجراحية البسيطة غير الباضعة. أشارت العديد من التقارير إلى التأثير المفيد لاستخدام المنظار المفصلي مقارنةً بالجراحة المفتوحة .
من مزايا الجراحة التنظيرية أنها جراحة تتم خلال اليوم ولاتحتاج للقبول في المشفى, وقت الصحو أقل, قلّة الألم بفضل استخدام أدوات أقل بضعاً, معدل وفيات إجمالي أقل, رؤية أفضل, واستئصال أكثر دقة مما يؤدي إلى نتائج أفضل على المدى البعيد, مضاعفات أقل وتكلفة أقل على المريض و/أو النظام الصحي.
تم استخدام أساليب مختلفة لتحليل النتيجة الجراحية لاستئصال الهلالة الجزئي , تتدرج هذه الأساليب من الفحص السريري إلى تقييم رضى المريض وتحليل نتائج القياسات الشعاعية. بشكل عام, وحسب الأدب الطبي, تم توثيق نتائج جيدة إلى ممتازة في 80-95% من المرضى خلال السنوات الخمس الأولى التالية لاستئصال الهلالة الجزئي. وقد صرّح Rockborn ومساعدوه أن متوسط معدّل Lyshlom بلغ أكثر من 84 في السنة الأولى بعد استئصال الهلالة. وثبت أن السماح للمريض بمراقبة الإجراء التنظيري يزيد من فهمه ورضاه العام في الفترة الباكرة التالية للجراحة. بالإضافة إلى ذلك, فإنه يقلل من القلق حول وما بعد الجراحة بشكل ملحوظ.
كانت أيضاً النتائج السريرية على المدى البعيد مُرضية. و قد نشر Burks و زملاؤه أن درجة معدّل Lyshlom بلغت 94 بشكل عام , و أن مؤشر الرضا سجّل 8.8 وسطياً. علاوةً على ذلك فإن تغير معدل Tegner للنشاط المرغوب به مقابل المستوى الفعلي بلغ 0.3. هذا يعني أن النتائج الموضوعية كانت مُرضية بعد 15 سنة من استئصال الهلالة.
قام Higuchi و زملاؤه استناداً إلى معايير Tapper و Hoover و نموذج تقييم اللجنة الدولية لتقييم الركبة ( IKDC ) بتقييم النتائج التي حصلوا عليها بعد 12.2 سنة تالية لاستئصال الهلالة, هذه النتائج كانت ممتازة وجيدة بنسبة 71% خلال سلسلة دراساتهم.
من الصعب مقارنة نتائج الدراسات المختلفة بسبب تنوع أدوات القياس المستخدمة فيها. في إطار علاج هذه القضية, طورت جامعة Western Ontario وصدّقت على WOMET. و هي وسيلة بسيطة محددة لمرض معين, مصمّمة لتقييم نوعية الحياة المرتبطة بالصحّة لدى المرضى الذين يعانون من أمراض في الغضاريف الهلالية, و تستخدم في الممارسة السريرية بشكل موحد.
استئصال الهلال هو أحد عوامل الخطر المعروفة لالتهاب مفصل الركبة الثانوي. ويُعتبر, تقليدياً, نتيجة لإصابة المفصل وزيادة ضغط التماس الغضروفي الناتج عن فقدان النسيج الهلالي, الاهتراء, والتمزق وهو تعبير مباشر لالتهاب مفصل الركبة الثانوي. بالإضافة إلى ذلك, هناك دليل على وجود علاقة بين التهاب المفصل البدئي الموروث والتهاب المفصل الثانوي المكتسب الناتج عن استئصال الهلالة. علاوةً على ذلك, يتضاعف خطر تطور الالتهاب المفصلي شعاعياً 6 مرات بعد استئصال الهلالة الكلّي مقارنةً مع عدم استئصالها. هكذا, وكما هو متوقع, يحفّز استئصال الهلالة الجزئي حدوث تغيرات شعاعية لالتهاب المفصل التنكسي مع الوقت بشكل أقل من الاستئصال الكلّي لها.
من المهم ملاحظة عدم ارتباط التغيرات الشعاعية بوضوح مع الأعراض السريرية. وهكذا , يبدو أن النتائج الشعاعية تحدد بشكل ضعيف النتائج النهائية المرجوّة من الجراحة.
تترافق التمزّقات التنكسيّة في الهلالة مع الالتهاب المفصلي التنكسي, لكن مايزال غير معروف فيما إذا كان التمزّق التنكسي سبباً لذلك أو نتيجةً له. اقترحت بعض الدراسات أن التمزق التنكسي في الغضروف قد يكون العلامة الأولى للالتهاب المفصلي في الركبة. كما تكون النتائج السريرية للمرضى الذين يعانون من تمزقات تنكسية أسوأ من أولئك الذين لديهم تمزقات رضية. يرتبط الاستئصال الجزئي للهلالة المصابة بتمزق تنكسي بارتفاع خطر الإصابة بالالتهاب التنكسي في المفصل الفخذي الظنبوبي شعاعياً وسريرياً عند متابعة المرضى لـ 16 سنة تالية بتقييم الألم بعد التمارين بعد متابعة لثمانية ونصف سنة, كانت النتائج السريرية بعد استئصال الهلالة للمرضى الذين لديهم تمزقات أفقية أو لُسينية كانت أسوأ من أولئك الذين لديهم تمزقات مقبض الدلو.
كانت البيانات المتعلقة بالاستئصال الجزئي للهلالة الوحشية مقابل الهلالة الأنسية مثيرة مختلف عليها. فبالرغم من أن الدراسات المجراة على الاحياء لم تظهر وجود اختلافات واضحة بين الجانبين, إلّا أن الدراسات المخبرية أثبتت أن استئصال الهلالة الوحشية الجزئي أكثر خطورة من استئصال الهلالة الأنسية . نشر Englund و Lohmander نتائج شعاعية أسوأ لاستئصال الهلالة الوحشية بعد 22 سنة من الجراحة بالمقارنة مع استئصال الهلالة الأنسية. يتحمّل الغضروف الهلالي الوحشي حمل أكبر في الركبة مقارنةً مع الغضروف الهلالي الأنسي, وبالتالي فقد يؤدي فقدانه لزيادة جهد التماس المُطبّق على الغضروف.
من المهم أن نكون على دراية بعوامل التنبؤ التي تؤثر على النتائج لكي نكون قادرين على إبلاغ المريض بالتوقعات بعد الجراحة. حدسياً, يمكن أن نفكر أن هذه العوامل تشمل ما يلي: الحجرة المصابة (استئصال الهلالة الوحشية أسوأ من الأنسية), المقدار الذي سيتم استئصاله (استئصال مقدار أكبر يعني خطراً أكبر), نوع الاستئصال (الاستئصال الشعاعي حتى لو كان الجزء المُستأصل صغيراً سيخرب وظيفة الحلقة الهلالية في تحمّل الضغط, وقد يكون مكافئاً لاستئصال الهلالة شبه التام), الظروف المرافقة (من المحتمل أن يكون ضعف وظيفة الرباط المتصالب الأمامي وإمراضية الغضروف مؤشراً على تطور التنكس المُحتمل بشكل عام), الاستقامة الفخذية الظنبوبية (الروَح عامل خطر يؤثر على الهلالة الأنسية, بينما يؤثر الفحَج على الهلالة الوحشية), شكل الجسم, عمر المريض ومستوى نشاطه.
مع ذلك , فقد ثبت أن بعض العوامل فقط تؤثر بشكل مميز على النتائج. على المدى القصير, يرتبط الجنس الأنثوي ووجود التهاب مفصل تنكسي سابق بمعدل شفاء أبطأ بعد عملية استئصال الهلالة الجزئي بالتنظير, في حين أن العمر, مشعر كتلة الجسم, عمق الاستئصال, إصابة هلالة واحدة أو اثنتين, وامتداد التمزق لاعلاقة لهم بمعدل الشفاء. على المدى البعيد , تتشابه عوامل الخطر التي تساهم في تطور التهاب مفصل تنكسي تالي لاستئصال الهلالة تُشابه عوامل الخطر الشائعة للالتهاب المفصلي للركبة, يشارك في ذلك العوامل الميكانيكية الحيوية الموضعية و الجهازية . المرضى الأصغر عمراً لديهم إنذاراً أفضل على المدى البعيد بعد استئصال الهلالة, في حين أن البدانة, الجنس الأنثوي, ووجود التهاب المفصل التنكسي الباكر من مظاهرسوء الإنذار ونتائج شعاعية أسوأ.
الاختلاطات
يكون معدل الاختلاطات في حال تنظير الركبة أقل نسبياً. قدّرت دراسات رجعية كبيرة تتألف من حوالي 118,590 و 395,566 عملية تنظير مفصلي كانت نسبة الاختلاطات 0.8%41 و 0.5%42 على الترتيب. في هذه الدراسات, حدثت الاختلاطات في العمليات الأكثر تعقيداً مثل إصلاح الغضروف الهلالي, استئصال الغشاء الزليلي, وتصنيع كل من الرباط المتصالب الأمامي والخلفي داخل المفصل. في دراسة استباقية راجعت 10,262 عملية , وجد Small أن معدّل الاختلاطات في الكلّي بلغ 1.68%. أشيع الاختلاطات في هذه الدراسة كانت الانصباب الدموي في المفصل (60.1%), الإنتان (12.1%), الداء الصمّي الخثاري (6.9%), اختلاطات تخديرية (6.4%), الفشل المتعلق بالأدوات المستعملة (2.9%), متلازمة الألم النطاقي المعقّد 1 (CRPS 1) (2.3%), الأذيات الرباطية (1,2%), الكسر أو الإصابات العصبية (0.6% لكل منهما).
يعدّ استئصال الغضروف الهلالي عبر التنظير إجراءً غير راضّ بشكل عام. لكن, وبالرغم من ذلك, يمكن أن تظهر الاختلاطات خلال الجراحة أو في الفترة التالية لها. عادةً ما تكون الاختلاطات الجراحية علاجية المنشأ, يمكن تجنّبها باستخدام تقنيات جراحية دقيقة. من الممكن أن تتأذى عدّة بُنى أثناء الجراحة مثل الرباط الجانبي الأنسي, البُنى العصبية الوعائية, والأنسجة الغضروفية والهلالية .
قد يتأذى الرباط الجانبي الأنسي خلال المناورات التنظيرية . عادةً ما يتم استخدام حامل للساق أو عارضة للمساعدة في المدخل ولاسيّما للوصول إلى القرن الخلفي للغضروف الهلالي الأنسي. يتم تطبيق جهد تفحيجي لجعل الساحة الجراحية أفضل. إذا لم يتم تطبيق هذا الجهد بشكل دقيق وحكيم فقد يتأذّى الرباط الجانبي الأنسي. من الممكن حدوث ذلك بشكل خاص في الحجرة الأنسية الضيقة لدى مريض في منتصف العمر أو كبار في السن, حيث تكون الأنسجة الرخوة لدى هؤلاء أقلّ مرونة . و قد ذكر Small حدوث أذية في الرباط الجانبي الأنسي بنسبة 0.003%, 90% منها يعود إلى استعمال حامل الساق. عادةً ما يكون العلاج محافظاً باستعمال الجبائر الوظيفية مع تحديد أولي للبسط.
من الممكن حدوث أذية عصبية خلال استئصال الهلالة التنظيري. وضع Rodeo و زملاؤه أربع آليات محتملة لذلك (1) رضّ مباشر, (2) الضغط الثانوي الناجم عن متلازمة الحجرات والناتج عن تسرب السائل خارج الأوعية, (3) الأذية الناجمة عن استخدام العاصبة, (4) الخلل الوظيفي الناتج بآلية غير مفهومة عن متلازمة الألم النطاقي المعقّد 1. يمكن أن تسبب أذية الفروع العصبية الحسية التي تُعصّب الركبة خدراً و/أو ألماً اعتلالياً عصبياً. من الممكن حدوث ذلك في الجزء الأمامي للركبة عند تحضير المداخل الجراحية. بشكل استثنائي يمكن أن يكون تشكل الورم العصبي مزعجاً أحياناً. وقد تؤدي إصابة عصبية صغيرة إلى متلازمة الألم النطاقي المعقّد.
على الجانب الأنسي , من الشائع حدوث أذية في الفروع أسفل الركبة للعصب الصافن (IGBSN). وقد أظهر Sherman وزملاؤه حدوث تغيرات حسية في توزع الفروع أسفل الركبة للعصب الصافن (IGBSN) في 22.2% من الحالات وذلك بعد إنشاء المداخل الجراحية الرئيسية. على الرغم من النصح باستعمال المناطق الآمنة, إلا أن التغيرات الواسعة في مسير العصب تحول دون تجنّب الأذية بشكل مطلق. أوصى Mochida وزملاؤه بأن يتم إنشاء المداخل التنظيرية بالقرب من الرضفة و الوتر الرضفي لتجنّب إصابة الفروع أسفل الركبة للعصب الصافن. على الجانب الوحشي, ذُكر حدوث أذية للعصب الشظوي المشترك أثناء استئصال الهلالة الوحشية, لكن هذا الاختلاط يحدث عادةً أثناء خياطة الهلالة.
قد يحدث شلل مؤقت بعد وضع العاصبة لفترة طويلة. في الدراسة التي أعدّها Sherman وزملاؤه كان معدل حدوث الاختلاطات مرتبطاً بشكل مباشر بالعمر ومدة وضع العاصبة. مع ذلك , فإن الخطر الأكبر لحدوث الاختلاطات الرئيسية كان لدى المرضى الذين تم تطبيق العاصبة لديهم لمدة أطول من 60 دقيقة بغض النظر عن العمر, مع معدل اختلاطات متوقع بنسبة 14.3% . لتجنب هذا النوع من الاختلاطات , من المهم إجراء فحوص دورية لتقييم ضغط العاصبة والتي يجب نزعها بعد ساعتين كحد أقصى.
من الممكن حدوث اختلاط علاجي آخر أثناء تحضير المداخل الجراحية وهو أذية القرون الأمامية للهلالة بشكل خاص. يمكن تفادي ذلك بجسّ مكان البقعة الرخوة للمدخل الأمامي الوحشي ومن ثم إنشاء المدخل الأمامي الأنسي تحت الرؤية المباشرة. يُستحسن توجيه الشق الجراحي إلى الأعلى بعيداً عن الغضروف الهلالي بدلاً من توجيهه إلى الأسفل.
يمكن أيضاً أن تحدث أذية غضروفية علاجية عند إدخال الأدوات المختلفة. من المهم عدم استخدام مدحم حاد عند إدخال المنظار في الركبة. يجب أن يكون حجم المدخل مناسباً بما يكفي لإدخال الأدوات الكليلة دون أذية النسج. هناك طريقة واحدة لتجنب أذية الغضروف أثناء إجراء التنظير المفصلي وهي توجيه أي أداة دائماً برفق باتجاه الثلمة بين اللقم الفخذية, بعد ذلك يمكن الاستعانة بالمنظار المفصلي للتحكم في توضع الأداة ثم توجيهها حيث تلزم تحت الرؤية التنظيرية .
بصرف النظر عن الاختلاطات خلال الجراحة, فقد تحدث أيضاً اختلاطات تالية للجراحة, مثل الانصباب المفصلي, الألم المتبقي بعد الجراحة, الإنتان, والصمّات الخثارية. يمكن أن ينتج الانصباب المفصلي بعد الجراحة عن تميّه أو تدمّي المفصل. عادةً ما يكون تميّه المفصل تالياً لالتهاب الغشاء الزليل. يمكن أن يكون سبب ذلك التهاب مفصل ركبة تنكسي سابق, أو بسبب الاستخدام الجائر للمفصل أثناء إعادة التأهيل أو الأنشطة اليومية. من جهةٍ أخرى, عادةً ما يكون تدمّي المفصل تالياً لامتداد الاستئصال الهلالي بحيث يصل إلى المنطقة الوعائية أو حتى إلى المحفظة, وهذا ما قد يسبب ألماً شديداً وتحدّد مجال حركة الركبة. قد يكون هناك حاجة لتفريغ المفصل إذا كان الضغط ضمنه مرتفعاً. يمكن أن يكون حقن المفصل بالمخدر الموضعي والأدرينالين مفيداً. نادراً ما نحتاج لإجراءٍ تنظيري ثانٍ لكيّ الوعاء النازف. لتجنب هذا الاختلاط لايستخدم بعض الجراحين العاصبة, أو يرفعونها قبل إنهاء التنظير المفصلي. يمكن بهذه الطريقة التحكم في النقاط النازفة و تخثيرها بوساطة الأجهزة الكهربائية. إضافة إلى ذلك , فإن الحفاظ على أكبر قدرٍ ممكنٍ من نسيج الغضروف الهلالي و تجنب بضع المحفظة تعتبر طرقاً فعالةً لمنع النزيف. يمكن تدبير الانصباب المفصلي عموماً بالبزل, الراحة مع رفع الطرف, وتطبيق الكمادات الباردة. في حال استمرار الانصباب, يمكن استطباب حقن الكورتيزون بحكمة.
إذا تم تدبير الألم جيداً بعد العملية فإن الألم المتبقي بعد الجراحة عادةً ما يكون مرتبطاً بالوضع السابق للركبة. تلعب الحالة السابقة للفخذ, الظنبوب, وغضروف الرضفة دوراً مفتاحياً. كلّما كان الغضروف متهتكاً أكثر قبل الجراحة, كلّما قلّت إمكانية تسكين الألم على المدى القريب والبعيد. علاوةً على ذلك, فإن وجود أعراض ميكانيكية بعد الجراحة كالانعقال , قد يُعزى أيضاً إلى عدم التناسق في المفصل المتأذي, لا إلى الاستئصال غير الكامل. يمكن تقييم الحالة السريرية في حال استمرار الألم بوساطة الرنين المغناطيسي مع حقن مادة ظليلة, حيث قد تشير المادة الملونة إلى وجود شق في الحافة المتبقية وهذا يعني أن الاستئصال غير كامل.
معدّل حدوث الانتان بعد استئصال الهلالة مماثل لما هو عليه في العمليات التنظيرية الأساسية الأخرى. وقد ذكر Kirchhoff أن نسبة حدوث الإنتان بعد التنظير المفصلي المنتخب بلغت 0.42%. أما Sherman وزملاؤه فقد ذكروا أن نسبة حدوث الإنتان في تنظير مفصل الركبة بلغت 0.1%, فيما كانت النسبة 0.08% عند DeLee , أما عند D’Anglo و Ogilive-Harris فكانت 0.23% , وعند Armstrong وزملائه كانت 0.42%. يمكن تجنّب هذا الاختلاط الشديد بإعطاء المضادات الحيوية وقائياً. وقد أظهر Bert أن وصف المضادات الحيوية بشكل روتيني لا يقلل من معدل حدوث الالتهاب المفصلي التالي للجراحة. بالرغم من أن بعض المراكز لاتوصي باستخدام المضادات الحيوية وقائياً بشكل روتيني في عمليات استئصال الهلالة التنظيري, إلا أن D’Anglo و Ogilive-Harris أوصَوا باستخدامها استناداً إلى تحليلهم للكلفة مقابل الفائدة. من ناحيةٍ أخرى, يُعتبر حدوث انتان مفصل في الركبة بعد استئصال الهلالة اختلاطاً كارثياً يجب معالجته بصرامة. أكثر العضويات المتّهمة بإحداث الإنتان هي العنقوديات المذهبة. يجب أن يتضمن بروتوكول العلاج إجراء تنضير عبر التنظير المفصلي جنباً إلى جنب مع إعطاء الصادات الحيوية وريدياً. يُنصح بإجراء حركات منفعلة باستمرار حالما يستطيع المريض ذلك.
المعدل العام لحدوث الداء الصمّي الخثاري في الركبة حوالي 0.1%. الصمّات الخثارية أكثر ندرةً بعد استئصال الهلالة بسبب قصر مدّة العملية وإمكانية الحركة مباشرةً بعد الجراحة . لايستطب استخدام المميعات روتينياً بعد الجراحة التنظيرية, لكن يجب أن تكون مدة العملية وفترة وضع العاصبة أقصر مايمكن, كما ينبغي البدء بالحركة أسرع مايمكن بعد الجراحة. يجب أن تؤخذ الوقاية الدوائية بعين الاعتبار فقط عند المرضى مرتفعي الخطورة, خصوصاً أولئك الذين لديهم حوادث صمية خثارية سابقة.
ذُكرت بعض الاختلاطات الاستثنائية , حيث ذكر Berndt وزملاؤه ظهور تعظّم هاجر في المدخل الأنسي بعد استئصال الهلالة الجزئي. كذلك, ذكر MacDessi وزملاؤه في دراسةٍ لثماني حالات حدوث تنخر عظمي بعد استئصال الهلالة. وقد عزَوا ذلك إلى حدوث كسور تحت غضروفية, واقترحوا أن تتم معالجة هذا الاختلاط بتبديل المفصل.
الخلاصة
توفّر تقنية التنظير المفصلي مزايا ونتائج أفضل من الجراحة المفتوحة, كما أن استئصال الهلالة الجزئي أفضل من الكلّي. بشكل عام, تم توثيق نتائج جيدة وممتازة في الأدب الطبي على المدى القريب عند 80-95% من المرضى الذين خضعوا لاستئصال الغضروف الهلالي الجزئي عبر التنظير. كانت النتائج متباينة على المدى البعيد .
بالرغم من أن استئصال الهلالة مازال الإجراء الحالي الأكثر شيوعاً, إلا أن هناك اهتماماً متزايداً بالتقنيات المحافظة بسبب تزايد المعلومات عن وظيفة الغضاريف الهلالية, كما أن التقنيات الحيوية الجديدة المُحسّنة إلى جانب الهندسة النسيجية قد تشكل العلاج المستقبلي لأمراض الغضاريف الهلالية .